حرب المياه بين اسرائيل والعرب

Posted on 30 أوت 2009

0



مفكرة الإسلام: يبدو أن الصراع على مصادر المياه في منطقة الشام سوف يكون له النصيب الأكبر من التوترات في الفترة القادمة، بعد أن أشارت تقارير صحفية إلى انخفاض منسوب مياه بحيرة طبرية ـ المصدر الأساسي للمياه في الكيان الصهيوني ـ بصورة حادة في السنوات الماضية، ويتوقع أن يصل منسوب المياه إلى أرقام قياسية في الانخفاض في السنوات العشر القادمة.

فقد كشفت مصادر في قطاع الزراعة بـ “إسرائيل” أنه تم إصدار تعليمات لشركة المياه الإسرائيلية باستخدام 132 مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبرية، وذكرت مصادر إسرائيلية لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن هذه الكمية هي أقل كمية تم ضخها خارج البحيرة منذ تأسيس شركة المياه عام 1964.

لذا من المتوقع أن تقل حصة الكيان الصهيوني تدريجيًا من المياه العذبة، تزامنًا مع الزيادة المضطردة في عدد سكان الكيان، وهو ما ينذر باندلاع مواجهات مع دول الجوار، ولا يستبعد الأردن من تلك المعادلة؛ حيث يجري نهر الأردن إلى شرق الكيان الصيهوني، وبعد مصدرًا هامًا من مصادر المياه العذبة، وقد أفادت مصادر في وزارة المياه أن الأردن تعاني صعوبة في التفاهم مع الجانب الإسرائيلي حول حصته المقررة له من المياه بموجب معاهدة السلام، وبالأخص التفاهم مع وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو الذي ينتمي إلى حزب “إسرائيل بيتنا” المتطرف والشريك في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية. يذكر أيضا أن حكومة نتنياهو عام 1999 كانت قد امتنعت أيضا عن ضخ حصة الأردن المقررة له بموجب الإتفاقات من المياه.

كما أكدت ذات المصادر أن الأردن يواجه صعوبات في الحصول على حصته الإضافية من المياه المخزنة في بحيرة طبريا، بموجب معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، كما أن وزير البنى التحتية يضع تعقيدات وعراقيل للتفاهم حول حصة الأردن المائية.

وأشارت المصادر لصحيفة هاآرتس إلى أن المياه في بحيرة طبرية التي تعد مصدر المياه الرئيس في إسرائيل يقل كل عام بمقدار 45 سم وتوقعت أن ينخفض منسوب المياه في البحيرة إلى أكثر من 214 مترًا تحت سطح البحر وهو منسوب منخفض للغاية لا يساعد على عمل طلمبات ضخ المياه من البحيرة بشكل جيد.

وذكرت الصحيفة أن السلطات ترغب في الحفاظ على المعدل الحالي لمنسوب المياه في البحيرة، مشيرة إلى أنها أبلغت الفلاحين بأن حصة المياه المخصصة للزراعة ستتقلص بنحو خمسة ملايين متر مكعب لتصل إلى 95 مليون متر مكعب بعد أن كانت 100 مليون متر مكعب العام الماضي.

إن الكيان الصهيوني أدرك مبكرًا أنه سوف يعاني من ندرة في المياه ويعلم جيدًا أن المياه ستكون مصدرًا للصراعات المستقبلية، لذا يضغط على مصر بكل ما أوتي من قوة لكي يهدد حصتها من المياه القادمة إليه من منابع النيل، واستطاع عن طريق أذرعه بمنطقة البحيرات العظمى أن يؤلب تلك الدول على مصر لنقض الاتفاقية الموقعة بين دول حوض النيل وبين مصر والسودان، من أجل تقليل حصة مصر من المياه وبالتالي الضغط عليها لتنفيذ مشروع اقترحته “إسرائيل” قديمًا على مصر بمدها بمياه النيل، وهو ما رفضته الحكومة المصرية آنذاك، ولكن يبدو أن الكيان الصهيوني يطمع في أكثر من حصوله على الغاز المصري بأبخس الأثمان، وتظل عيناه على مياه النيل تحسبًا لما يتوقع من ندرة مياه في المستقبل.

وفي العام الحالي قدم الكيان الصهيوني إلى كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا (من دول المنبع) دراسات تفصيلية لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف “إسرائيل” من خلاله إلى التمهيد لمجموعة كبيرة من المشروعات المائية في هذه الدول ولاسيما رواندا، حيث يتوجه الاهتمام الإسرائيلي بوجه خاص إلى نهر كاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي لإقامة أكثر من سد عليه، بحسب موقع المعهد “الإسرائيلي” للتصدير والتعاون الدولي.

الضفة والجولان:

ومن ناحية أخرى يعتقد البعض بأن تمسك الكيان الصهيوني بالضفة الغربية يعود إلى أسباب أمنية وتوسعية استطيانية فقط، ولكن الضفة مسئولة عن توفير 750 مليون متر مكعب سنوياً تشكل 40% من المياه المستهلكة في الكيان الصهيوني، لذا من المستبعد أن يتخلى عن آماله التوسعية هناك حتى بالرغم من ضغوط أوباما أو أية إدارات أمريكية أخرى عليه، وقالت صحيفة “هارتس”: “إن نقل السيادة للفلسطينيين على غور الأردن حتى خط المياه سيكسبهم حقاً في المطالبة بجزء من مياه نهر الأردن…. مثل الشريكين الآخرين إسرائيل والأردن…”، مما يعني أن “إسرائيل” لن تفرط بسهولة في الضفة الغربية وتحت أي ضغوط.

كما أن هضبة الجولان تمثل 30% من احتياجات الكيان الصهيوني من المياه، هذا فضلاً عن موقعها الاستراتيجي الذي يكشف السهول من ورائها، ويجعلها قيمة استراتيجية عسكرية لا يمكن التفريط بها بسهولة، وذلك لأن اثنين من روافد نهر الأردن ينبعان من تلك الهضبة ويشكلان ثلث مياهه، كما أن الجولان به مخزون هائل من المياه الجوفية، وذلك طبقًا لتقرير لمعهد تخطيط المياه “الإسرائيلي”، (تاهال)، وقدّره المعهد بنحو مليار متر مكعب تجري تغذيتها باستمرار من هطول الأمطال بإجمالي 1.2 مليار متر مكعب سنويًا.

وكل تلك الأسباب السابقة تجعل من المياه مصدرًا للصراعات القادمة في منطقة الشام، كما أن مصر ليست بمنأى عن التهديد الذي يأتي من “إسرائيل” في منطقة منابع النيل وتشجيعها على نصب المزيد من السدود في دول المنبع لتقليل حصة مصر من المياه، وذلك بالإضافة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تبخر مياه البحيرات العظمى وانخفاض منسوبها.. وهو ما ينذر بمخاطر جسيمة في المستقبل القريب.