انودنيسيا التاريخ والتوجهات

Posted on 24 جويلية 2009

0



 

تطرح إندونسيا علاقة “العروبة بالإسلام” ، أو علاقة “منطقة القلب” أى الكتلة العربية ، بأطراف الأمة فأندونسيا هى البلد الذى يوازى عدد سكانها عدد سكان الأمة العربية تقريبا ، وهى مع ذلك فإنها البلد الذى يتعرض لأشرس محاولات النتصير وتقطيع الأوصال ، ودون دراية أو حركة أو مواجهة وربما دون إهتمام من قبل المنطقة العربية الإسلامية!
وهى تطرح جانب أخر ، لا يقل أهمية ، وهو كيف أن مناطق الأطراف في دائرة العالم الإسلامي ،بها دول إسلامية أعلي في تعدادها السكاني وأكثر أهمية من زاوية ” الجيبولوتيكا السياسية ” من أقطار في المنطقة العربية ، وأكثر تقدما كذلك من كثير من الدول العريبة التي تملأ الدنيا ضجيجا
.
وهي تطرح كذلك “فكرة” “ونمط ” “ومفهوم ” العلاقات الإسلامية الإسلامية ومن باب أولي فقه علاقات الدول الإسلامية مع بعضها البعض في الوضع الراهن
.
واللافت للنظر في قضية إندونسيا أن الحركات الإسلامية بكافة أشكالها وأنماطها هى التي إنفردت ومنذ زون طويل بمد جسور العلاقات وامتلكت الفهم لطبيعة ومضمون العلاقات الإسلامية الإسلامية . وكان لافتا للنظر هنا ، أن الشيخ أسمة بن لادن كان من أبرز الذين تنبهوا إلي أهمية مناطق الأطراف ، ودورها الإستراتيجي وكان من أبرز من حاولوا إثارة قضية تفتيت إندونسيا علي يد التحالف الغربي
.

لنعد إلي إندونسيا:
القضية الأبرز والأخطر هى قضية فصل جزء من جسد الدولة الجغرافي والسياسي .. والعقائدى .. وما يتفاعل بعدها من مؤامرة لتفكيك بقية جسد الدولة
.
ما يحدث في إندونسيا ، هو ما مثال مشابه لما يجرى في جنوب السودان وفي كل أرجاء الدولة السودانية . في جنوب السودان جرت عملية متطاولة منذ عشرينات القرن الماضى ،وما تزال لفك الإرتبلط العقائدى والسياسي والثقافي والإجتماعي بين جنوب السودان .. وشماله ،وبالتوازي مع ذلك تجرى مناورات وفعاليات تفكيك الشمال كذلك . وقد كانت البداية والفكرة الجوهرية، هى تنصير جانب من أهالي الجنوب والإنطلاق من ذلك إلي دعاوى وإتهامات بفرض الدين الإسلامي علي غير المسلمين وإهدار حقوق الإنسان .. إلخ
.
في إندونسيا كانت الحالة متسارعة أكثر وظاهرة أكثر ، فقد بدأت اللعبة بتنصير جانب هام من سكان تيمور الشرقية ، وبعد التمكن ، بدأت الدعايات والضغوط السياسية والمالية والعسكرية. ودخلت الكنيسة علي الخط بشكل مباشر وسافر ، ودعمت مباشرة الإنفصاليين ، وجعلت البعض منهم شخصيات كنسية ، ودعمتهم وروجت لهم من جانبها ، وساهمت الدول الغربية بصفة عامة ، واستراليا بصفة خاصة ، بالدور السياسيى والعسكري وكان للولايات المتحدة دورها من خلال صندوق النقد والبنك “الدوليين” ولعبت قصة منح جوائز نوبل دورها
.
إكتملت كل الأمور ، وكانت اللحظة المباغتة مرتبطة بحالة الضعف والوهن السياسيى والإجتماعي والمالي ـ التي أصيبت بها الحكومة المركزية – والتي عادت في جانب منها للضغوط الغربية ذاتها – وهنا كانت الخطة لتكثيف الضغوط وظهرت العصا حيث هددت استراليا بالتدخل عسكريا مدعومة بالولايات المتحدة وبريطانيا ، وظهرت الجزرة إذا وافقتم علي حق تقرير المصير سيوافق البنك الدولي علي القروض والمنح والهبات المالية
.
وإقتطعت تيمور الشرقية تحت كل أنواع الضغوط وفي ظل الضعف الداخلي المفروض علي الشعب الإندونيسي ، وباتت جغرافيا إندونسيا جميعها مهددة بالتفكيك .. كان ذلك في 30 أغسطس 1999
.
وجغرافيا إندونسيا ، هى النقطة الأضعف ، أو التي تزيد الأمور ضعفا ، حيث يعيش الشعب الإندونيسي في أرخبيل جزر يبلغ عدد جزره 13 ألف جزيرة
!
والآن إلى نظرة علي هذا البلد
.
تعد اندونيسيا اكبر دولة اسلامية فى العالم حيث يبلغ عدد سكانها 225 مليون نسمة(تعداد 2000) ومع عدد السكان الكبير تتعقد الظروف المحيطة بها بين التشتت الجغرافى في هذا البلد الإسلامي إلى تعرضه لحملة ضخمة من لتبشير المسيحي بمساعدة الاستعمار الهولندي من سنوات القرن قبل الماضي وإلي هجرة الصينيين إليه الذين أمسكوا بزمام التجارة والنفوذ، وهو يتكون أصلا من شعوب كثيرة وثقافات متعددة، فبالإضافة إلى الجاويين الذين يشكلون 45% من السكان هناك الساندان والملايو والمادور، ويشكل هؤلاء مع الجاويين ثلاثة أرباع السكان ويتكون الربع الباقي من مئات الشعوب واللغات، وتتكون إندونيسيا من أرخبيل جزر تزيد على الثلاث عشرة ألف جزيرة تمتد لمسافة خمسة آلاف كيلومتر، ويسكنها مائتان وعشرون مليون نسمة
.
واليوم تتفاعل الظروف المحيطة من تدخلات خارجية مدفوعة بأطماع غربية في هذا البلد الغني، وعداوة حضارية للإسلام، والتشتت الجغرافي والعرقي والثقافي والديني، والنزعات الانفصالية والمركزية والفدرالية، والأزمات الاقتصادية، والفساد، والفجوة الاقتصادية، وفشل خطط التنمية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتراكمات الاستبداد والظلم والنخبوية، والصراع الإقليمي والدولي والمحلي لتشكل أزمة معقدة لا يمكن فهمها إلا بالنظر إلى الخريطة التاريخية والجغرافية الشاملة واستيعاب خلفيات الأزمة، ورصد أسبابها وتداعياتها
.
هذا وقد حققت إندونيسيا، التي تتكون من أكبر أرخبيل من الجزر في العالم، استقلالها عن هولندا في عام 1949. كما تواجهها ضغوط استراليا ودول الجوار ، وتفعيل سلطة الحكومة المنتخبة شعبياً، بعد أربعة عقود من الحكم الشمولي، والتعامل مع تهم الفساد والمحاباة بين طبقة رجال الأعمال من الأقلية الصينية، وحل مشاكل المطالبة بالحكم الذاتي أو الإنفصال في بعض الأقاليم مثل اتشيه واريان جايا والتي تصاعدت بعد فصل تيمور الشرقية
.

وقد استوطن الإنسان الجزر الإندونيسية منذ ملايين السنين، ثم قامت حضارات ودول في جزر مستقلة بعضها عن بعض، كانت تدين بالهندوسية ثم دخلت في الإسلام بالتدريج على يد التجار والدعاة القادمين من جنوب الهند واليمن وعمان والحجاز، وتعرضت منذ القرن الخامس عشر وحتى منتصف القرن العشرين لاستعمار أجنبي بدأته البرتغال ثم هولندا واليابان، فقد ظلت إندونيسيا بسبب مواردها الهائلة وارتباطها بالتجارة الدولية منذ مرحلة مبكرة من التاريخ هدفاً اقتصادياً تتنافس عليه الدول والكارتيلات الاقتصادية والتجارية.
واختارت الدولة المستقلة حديثا بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة سوكارنو أن تنحاز (برغم عدم انحيازها الرسمي) إلى المعسكر الشرقي في الحرب الباردة فاقتربت من الصين والاتحاد السوفياتي، وصار الحزب الشيوعي قوة كبيرة متنفذة، ولكن هذه الحقبة انتهت بالانقلاب العسكري على سوكارنو الذي دبره قائد الجيش سوهارتو بتأييد ودعم من الولايات المتحدة، وتعرض الشيوعيون لتصفيات دموية، واعتمد الحكم الجديد على الجيش والدعم الأميركي سياسيا واقتصاديا بعد الانسحاب البرتغالي منها. ودخلت إندونيسيا في حلف آسيان الذي ترعاه أميركا على غرار حلف السنتو (تركيا وإيران قبل الثورة وباكستان)، وانعزلت إندونيسيا عن قضايا التحرر الآسيوي والأفريقي بعدما كانت من رواد العمل التحرري (مؤتمر باندونغ
).
وبرغم التعددية السكانية والثقافية والتباعد الجغرافي فإن نظام الحكم الفردي الذي استمر في إندونيسيا أكثر من خمسين عاما لم يسمح للحياة الحزبية، واقتصرت الأحزاب السياسية في عهد سوهارتو على حزب رئيسي واحد هو “غولكار” وحزبين صغيرين هما “التنمية المتحدة” و”الديمقراطي” وقدد عاني المسلمون وحركاتهم السياسية والدينية الأمرين خلال تلك الفترة ، وبعد سقوط سوهارتو قامت أحزاب سياسية كثيرة جدأ تعبر عن التعددية والاختلاف في إندونيسيا، غير أن الحركات الإسلامية ظلت علي حالها تواجه القمع
.

بقي أن نقول كم هي الجريمة التي جرت عبر قرون ، في تفكيك الأمة الإسلامية كبيرة وخطيرة . وكم هي ضرورة بذل كل غالي ورخيص ، وتوجيه كل الجهود نحو وحدة الأمة .
وطالما تواصلت الجريمة .. جريمة شق الأمة ، وضياع كيانها الموحد ..استمرت جريمة تجزيئ كل دولة ، وتنصير بلاد المسلمين قطعة قطعة